الصمت وأدب اللسان
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ و على آله و صحبه وَ سَلَّمَ
مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلا يُؤْذِ جَارَهُ
وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ
وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ .
صحيح البخاري
و صدق سيدنا رسول الله
فإن ذلك من أخلاق الأنبياء، كما أن سوء السمت وترك الصمت من شيم الأشقياء.
اللسان يورد موارد الهلاك:
الواجب على العاقل أن يكون حسن السمت، طويل الصمت،
فاللسان هو المورد للمرء موارد العطب، والصمت يكسب المحبة والوقار،
ومن حفظ لسانه أراح نفسه، والرجوع عن الصمت أحسن من الرجوع عن الكلام،
وأطول الناس شقاء وأعظمهم بلاء من ابتلى بلسان مطلق، وفؤاد مطبق.
قال أبو حاتم :
من كثر كلامه كثر سقطه والسقط ربما تعدى غيره فيهلكه في ورطة لا حيلة له
في التخلص منها لأن اللسان لا يندمل جرحه ولا يلتئم ما قطع به ...
ومن الناس من لا يكرم إلا للسانه ولا يهان إلا به
فالواجب على العاقل أن لا يكون ممن يهان به.
من تكلم بالكلمة ملكته :
وعلى العاقل أن يُنصف أذنيه من فيه،
ويعلم أنه إنما جعلت له أذنان وفم واحد ليسمع أكثر مما يقول،
لأنه إذا قال ربما ندم وإن لم يقل لم يندم، وهو على رد مالم يقل أقدر منه على رد ما قال،
والكلمة إذا تكلم بها ملكته، وإن لم يتكلم بها ملكها، والعجب ممن يتكلم بالكلمة،
إن هي رُفعت ربما ضرته، وإن لم تُرفع لم تضره، كيف لا يصمت؟
ورب كلمة سلبت نعمة!.
صمت على أشياء لو شئت قلتها ... ولو قلتها لم أبق للصلح موضع
قيل: لسان العاقل يكون وراء قلبه، فإذا أراد القول رجع إلى القلب،
فإن كان له قال، وإلا فلا، و الجاهل قلبه في طرف لسانه ما أتى على لسانه تكلم به.
وقيل: اللسان سَبع عقور، إن ضبطه صاحبه سلم، وإن خلى عنه عقره،
وبفمه يفتضح الكذوب، فالعاقل لا يشتغل بالخوض فيما لا يعلم، فيُتهم فيما يعلم
لأن رأس الذنوب الكذب، وهو يبدي الفضائح ويكتم المحاسن،
ولا يجب على المرء إذا سمع شيئاً يعيبه أن يحدث به،
لأن من حدث عن كل شيء أزرى به، وأفسد صدقه.
المصدر
انيس الجليس – أدب المجالسة -
روضة العقلاء ونزهة الفضلاء- بهجة المجالس وأنس المجالس
اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ
وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ